الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ابن تيمية **
/ فأجاب: إذا بلغت تسع سنين فإنه يزوجها الأولياء ـ من العصبات والحاكم ونائبه ـ في ظاهر مذهب أحمد، وهو مذهب أبي حنيفة وغيرهما، كما دل على ذلك الكتاب والسنة في مثل قوله تعالى: ثم الجمهور الذين جوزوا إنكاحها لهم قولان: أحدهما: وهو قول أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: أنها تزوج بدون إذنها؛ ولها الخيار إذا بلغت. والثاني: وهو المشهور في مذهب أحمد وغيره: أنها لا تزوج إلا بإذنها؛ ولا خيار لها إذا بلغت. وهذا هو الصحيح الذي دلت عليه السنة، كما روي أبو هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تستأذن / اليتيمة في نفسها؛ فإن سكتت فهو إذنها؛ وإن أبت فلا جواز عليها) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي، وعن أبي موسي الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فقد أذنت؛ وإن أبت فلا جواز عليها). فهذه السنة نص في القول الثالث الذي هو أعدل الأقوال أنها تزوج؛ خلافا لمن قال: إنها لا تزوج حتى تبلغ فلا تصير [يتيمة]. والكتاب والسنة صريح في دخول اليتيمة قبل البلوغ في ذلك؛ إذ البالغة التي لها أمر في مالها يجوز لها أن ترضي بدون صداق المثل؛ ولأن ذلك مدلول اللفظ وحقيقته؛ ولأن ما بعد البلوغ وإن سمي صاحبه يتيما مجازًا فغايته أن يكون داخلا في العموم. وإما أن يكون المراد باليتيمة البالغة دون التي لم تبلغ؛ فهذا لا يسوغ حمل اللفظ عليه بحال. والله أعلم.
فأجاب: هذا العقد صحيح في مذهب أحمد المنصوص عنه في أكثر أجوبته، الذي عليه عامة أصحابه، ومذهب أبي حنيفة أيضا، لكن أحمد في المشهور عنه يقول: إذا زوجت بإذنها وإذن أخيها لم يكن لها الخيار إذا / بلغت. وأبو حنيفة وأحمد في رواية يقول: تزوج بلا إذنها، ولها الخيار إذا بلغت. وهذا أحد القولين في مذهب مالك أيضا. ثم عنه رواية: إن دعت حاجة إلى نكاحها، ومثلها يوطأ جاز. وقيل: تزوج ولها الخيار إذا بلغت. وقال ابن بشير: اتفق المتأخرون أنه يجوز نكاحها إذا خيف عليها الفساد. والقول الثالث: وهو قول الشافعي وأحمد في الرواية الأخري: أنها لا تزوج حتى تبلغ، إذا لم يكن لها أب وجد. قالوا: لأنه ليس لها ولي يجبر، وهي في نفسها لا إذن لها قبل البلوغ؛ فتعذر تزويجها بإذنها وإذن وليها. والقول الأول أصح بدلالة الكتاب والسنة والاعتبار؛فإن الله تعالى يقول: وأيضا، فقد ثبت في السنن من حديث أبي موسي، وأبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تنكح اليتيمة حتى تستأذن، فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت فلاجواز عليها)، فيجوز تزويجها بإذنها، ومنعه بدون إذنها. وقد قال صلى الله عليه وسلم: (لا يتم بعد احتلام)، ولو أريد [باليتيم] ما بعد البلوغ، فبطريق المجاز، فلابد أن يعم ما قبل البلوغ وما بعده. أما تخصيص لفظ [اليتيم] بما بعد البلوغ فلا يحتمله اللفظ بحال؛ ولأن الصغير المميز يصح لفظه مع إذن وليه، كما يصح إحرامه بالحج بإذن الولي، وكما يصح تصرفه في البيع وغيره بإذن وليه عند أكثر العلماء، كما دل على ذلك القرآن بقوله:
/ فأجاب: الحمد لله، إذا كان الخاطب لها كفؤًا جاز تزويجها في أصح قولي العلماء، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد في المشهور عنه. ثم منهم من يقول: تزوج بلا أمرها، ولها الخيار، كمذهب أبي حنيفة وروايـة عـن أحمد. ومنهم مـن يقـول: إذا بلغت تسـع سـنين زوجت بإذنها، ولا خيار لها إذا بلغت. وهو ظاهر مذهب أحمد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح اليتيمة حتى تستأذن فإن سكتت فقد أذنت، وإن أبت فلا جواز عليها) رواه أبو داود والنسائي وغيرهما. وتزويج [اليتيمة] ثابت بالكتاب والسنة، قال تعالى:
/ فأجاب: أما [اليتيمة] التي لم تبلغ قَبْل لا يجْبرها على تزويجها غير الأب، والجد، والأخ، والعم، والسلطان الذي هو الحاكم أو نواب الحاكم في العقود. للفقهاء في ذلك ثلاثة أقوال: أحدها: لا يجوز، وهو قول الشافعي، ومالك، والإمام أحمد في رواية. والثاني: يجوز النكاح بلا إذنها، ولها الخيار إذا بلغت، وهو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد. والثالث: أنها تزوج بإذنها، ولا خيار لها إذا بلغت. وهذا هو المشهور من مذهب أحمد. فهذه التي لم تبلغ يجوز نكاحها في مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما. ولو زوجها حاكم يري ذلك: فهل يكون تزويجه / حكما لا يمكن نقضه؟أو يفتقر إلى حاكم غيره يحكم بصحة ذلك؟على وجهين في مذهب الشافعي وأحمد وغيرهما، أصحهما الأول. لكن الحاكم المزوج هنا شافعي، فإن كان قد قلد قول من يصحح هذا النكاح، وراعي سائر شروطه وكان ممن له ذلك، جاز. وإن كان قد أقدم على ما يعتقد تحريمه، كان فعله غير جائز. وإن كان قد ظنها بالغا فزوجها فكانت غير بالغ، لم يكن في الحقيقة قد زوجها، ولا يكون النكاح صحيحا. والله أعلم.
فأجاب: إذا كان لها أخ غائب غيبة منقطعة، ولم يكن يعرف حينئذ لها أخ، لكونها ضاعت من أهلها حين صغرها إلى ما بعد النكاح، لم يبطل النكاح المذكور. والله أعلم.
/ فأجاب: الحمد الله، المرأة البالغ لا يزوجها غير الأب والجد بغير إذنها باتفاق الأئمة، بل وكذلك لا يزوجها الأب إلا بإذنها في أحد قولي العلماء، بل في أصحهما وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الثيب حتى تستأمر). قالوا: يا رسول الله، فإن البكر تستحي؟قال: (إذنها صماتها)، وفي لفظ: (يستأذنها أبوها وإذنها صماتها). وأما العم والأخ فلا يزوجانها بغير إذنها باتفاق العلماء. وإذا رضيت رجلاً وكان كفؤًا لها وجب على وليها - كالأخ ثم العم - أن يزوجها به، فإن عضلها وامتنع من تزويجها زوجها الولي الأبعد منه أو الحاكم بغير إذنه باتفاق العلماء، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه، ولا يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤًا باتفاق الأئمة؛ وإنما يجبرها ويعضلها أهل الجاهلية والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض؛ لا لمصلحة المرأة، ويكرهونها على ذلك أو يخجلونها حتى تفعل. ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤًا لها لعداوة / أو غرض. وهذا كله من عمل الجاهلية والظلم والعدوان، وهو مما حرمه الله ورسوله، واتفق المسلمون على تحريمه، وأوجب الله على أولياء النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة، لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن تصرف لغيره، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له، لا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله أن تؤدي إلى أهلها، فقال:
فأجاب: الحمد لله، إذا لم يبين للزوج أنها أمة، بل تزوجها نكاحا مطلقًا كما جرت به العادة، وظن أنها حرة، وقيل له: إنها حرة ـ فهو مغرور، وولده منها حر؛ لا رقيق. وأما [النكاح] فباطل إذا لم يجزه السيد باتفاق المسلمين. وإن أجازه السيد صح في مذهب أبي حنيفة ومالك في إحدى الروايتين، ولم يصح في مذهب الشافعي وأحمد في الرواية الأخري، بل يحتاج / إلى نكاح جديد. وأما إن ظهرت حاملا من غير الزوج، فالنكاح باطل بلا ريب، ولا صداق عليه إذا لم يدخل بها، وليس لهم أن يأخذوا شيئا من ماله، بل كل ما أخذ من ماله رد إليه.
فأجاب: تزويج المماليك بالإماء جائز، سواء كانوا لمالك واحد، أو لمالكين، مع بقائهم على الرق. وهذا مما اتفق عليه أئمة المسلمين. والذي يزوج الأمة سيدها أو وكيله. وأما المملوك فهو يقبل النكاح لنفسه إذا كان كبيرًا، أو يقبل له وكيله. وإن كان صغيرًا فسيده يقبل له. فإذا كان الزوجان له قال بحضرة شاهدين: زوجت مملوكي فلان بأمتى فلانة، وينعقد النكاح بذلك. وأما العبد البالغ: فهل لسيده أن يزوجه بغير إذنه، ويكرهه على ذلك؟فيه قولان للعلماء: أحدهما: لا يجوز، وهو مذهب الشافعي وأحمد. والثاني: يجبره، وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك. والأمة والمملوك الصغير يزوجهما بغير إذنهما بالاتفاق. /وأما [الأولاد] فهم تبع لأمهم في [الحرية والرق]، وهم تبع لأبيهم في النسب والولاء باتفاق المسلمين. فمن كان سيد الأم كان أولادها له، سواء ولدوا من زوج، أو من زنا. كما أن البهائم من الخيل والإبل والحمير إذا نزي ذكرها على أنثاها كان الأولاد لمالك الأم. ولو كانت الأم معتقة أو حرة الأصل والأب مملوكا كان الأولاد أحرارًا. وأما [النسب] فإنهم ينتسبون إلى أبيهم. وإذا كان الأب عتيقًا والأم عتيقة كانوا منتسبين إلى موإلى الأب، وإن كان الأب مملوكا انتسبوا إلى موإلى الأم، فإن عتق الأب بعد ذلك انجر الولاء من موإلى الأم إلى موإلى الأب. وهذا مذهب الأئمة الأربعة. ومن كان مالكا للأم ملك أولادها، وكان له أن يتسري بالبنات من أولاد إمائه، إذا لم يكن يستمتع بالأم فإنه يستمتع ببناتها؛ فإن استمتع بالأم فلا يجوز أن يستمتع ببناتها. والله أعلم.
/فأجاب: لا يفتقر صحة النكاح إلى الإشهاد على إذن المرأة قبل النكاح في المذاهب الأربعة، إلا وجهًا ضعيفًا في مذهب الشافعي وأحمد، بل قال: إذا قال الولي: أذنت لي جاز عقد النكاح. والشهادة على الولي والزوج. ثم المرأة بعد ذلك إن أنكرت: فالنكاح ثابت. هذا مذهب الشافعي وأحمد في المشهور عنه. وأما مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه إذا لم تأذن حتى عقد النكاح جاز، وتسمي: [مسألة وقف العقود]، كذلك العبد إذا تزوج بدون إذن مواليه، فهو على هذا النزاع. أما [الكفاءة في النسب]: فالنسب معتبر عند مالك. أما عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، فهي حق للزوجة والأبوين، فإذا رضوا بدون كفءٍ جاز، وعند أحمد هي حق لله فلا يصح النكاح مع فراقها. والله أعلم.
/فأجاب: الحمد لله، ليس للعم ولا غيره من الأولياء أن يزوج موليته بغير كفء إذا لم تكن راضية بذلك باتفاق الأئمة؛ وإذا فعل ذلك استحق العقوبة الشرعية التي تردعه وأمثاله عن مثل ذلك، بل لو رضيت هي بغير كفء كان لولي آخر غير المزوج أن يفسخ النكاح؛ وليس للعم أن يكره المرأة البالغة على النكاح بكفء؛ فكيف إذا أكرهها على التزويج بغير كفء؟ ! بل لا يزوجها إلا بمن ترضاه باتفاق المسلمين. وإذا قال لها: إن لم تأذني وإلا زوجك الشرع بغير اختيارك. فأذنت بذلك لم يصح هذا الإذن، ولا النكاح المترتب عليه؛ فإن الشرع لا يمَكِّن غير الأب والجد من إجبار الصغيرة باتفاق الأئمة، وإنما تنازع العلماء في [الأب والجد] في الكبيرة، وفي الصغيرة مطلقًا. وإذا تزوجها بنكاح صحيح كان عليه أن يقوم بما يجب لها، ولا يتعدي عليها في نفسها، ولا مالها. وما أخذه من ذلك ضمنه، وليس له أن يمنع من يكشف حالها إذا اشتكت، بل إما أن يمكن من يدخل عليها ويكشف حالها، كالأم، وغيرها. وإما أن تسكن بجنب جيران من أهل الصدق والدين يكشفون حالها. والله أعلم.
/ فأجاب: نعم له التزوج على أصل من يجبر السيد على تزويجه، كمذهب أحمد والشافعي على أحد قوليه؛ فإن تزويجه كالإنفاق عليه إذا كان محتاجًا إلى ذلك، وقد قال تعالى:
فأجاب: أما إذا أعتقها من مالها عتقًا شرعيا فالولاية لها باتفاق العلماء، وهي التي ترثها، ثم أقرب عصباتها من بعدها. /وأما تزويج هذه [العتيقة] بدون إذن المعتقة؟ فهذا فيه قولان مشهوران للعلماء، فإن من لا يشترط إذن الولي؛ كأبي حنيفة ومالك في إحدى الروايتين يقول بأن هذا النكاح يصح عنـده، لكن مـن يشـترط إذن الولي كالشافعي وأحمـد لهم قـولان في هـذه المسألـة، وهما روايتان عن أحمد: إحداهما: أنها لا تزوج إلا بإذن المعتقة، فإنها عصبتها. وعلى هذا، فهل للمرأة نفسها أن تزوجها؟على قولين: هما روايتان عن أحمد. والثاني: أن تزوجيها لا يفتقر إلى إذن المعتقة؛ لأنها لا تكون ولية لنفسها، فلا تكون ولية لغيرها؛ ولأنه لا يجوز تزوجها عندهم، فلا يفتقر إلى إذنها، فعلى هذا يزوج هذه المعتقة من يزوج معتقها بإذن العتيقة، مثل أخ المعتقة، ونحوه إن كان من أهل ولاية النكاح؛ وإن لم يكن أهلا وزوجها الحاكم جاز، وإلا فلا. وإن كانوا أهلا عند أبي حنيفة فالولاء لهم، والحاكم يزوجها.
/فأجاب: أما الفقهاء الأئمة الذين يفتي بقولهم فلم يذكر أحد منهم جواز ذلك؛ ولكن في أوائل الدولة [السلجوقية] أفتى طائفة من الحنفية والشافعية بجواز ذلك. وحكي أبو محمد بن حزم في [كتابه] إجماع العلماء على تحريم ذلك. وقد كان [نور الدين محمود الشهيد التركي] قد أبطل جميع الوظائف المحدثة بالشام، والجزيرة ومصر، والحجاز، وكان أعرف الناس بالجهاد. وهو الذي أقام الإسلام بعد استيلاء [الإفرنج، والقرامطة] على أكثر من ذلك. ومن فعل ما يعتقد حكمه متأولا تأويلا سائغًا - لا سيما مع حاجته - لم يجعل فاسقا بمجرد ذلك، لكن بكل حال فالولي له أن يمنع موليته ممن يتناول مثل هذا الرزق الذي يعتقده حراما، لا سيما وإن رزقها منه، فإذا كان الزوج يطعمها من غيره، أو تأكل هي من غيره، فله أن يزوجها إذا كان الزوج متأولا فيما يأكله.
/فأجاب: إذا كان مُصِرًّا على الفسق فإنه لا ينبغي للولي تزويجها له، كما قال بعض السلف: من زوج كريمته من فاجر فقد قطع رحمها. لكن إن علم أنه تاب فتزوج به إذا كان كفؤًا لها وهي راضية به. وأما [نكاح التحليل]: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله المحلِّل والمحلَّل له). ولا تجبر المرأة على نكاح التحليل باتفاق العلماء.
فأجاب: الرافضة المحضة هم أهل أهواء وبدع وضلال، ولا ينبغي للمسلم أن يزوج موليته من رافضي، وإن تزوج هو رافضية صح النكاح، إن كان يرجو أن تتوب وإلا فترك نكاحها أفضل لئلا تفسد عليه ولده. والله أعلم.
فأجاب: لا يجوز لأحد أن ينكح موليته رافضيًا، ولا من يترك الصلاة. ومتى زوجوه على أنه سني فصلى الخمس ثم ظهر أنه رافضي لا يصلي، أو عاد إلى الرفض وترك الصلاة، فإنهم يفسخون النكاح.
|